موقع جامعة عدن الإلكتروني
بقلم/دكتور: وضاح أحمد صالح منصر
(النائب الأكاديمي لمركز التعليم عن بعُد - جـــــامعة عـــــــــدن)
يشهد عصرنا الحالي مجموعة من التحديات والمتغيرات السريعة والمتلاحقة، تتمثل هذه التحديات في التطور المذهل لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات (ICT)، والتي كان لتطبيقاتها المتنوعة ثاتير واضح على مختلف نُظم ومجالات حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية وغيرها...، ولعل أبرز هذه النظم تأثراً بشكل فاعل ومتقدم هو نظام التعليم الذي يشهد تطوراً وتكيفاً بصورة تتواكب مع الانفجار المعرفي والمعلوماتي.
فبرزت أنظمة تعليمية تعتمد اعتماداً كلياً على التكنولوجيا، فالتعليم عن بعُد (Distance Learning) بمفهومة الحديث هو ثمرة أهم تقنية مستخدمة في عصرنا والمتمثلة بشبكة الإنترنت ( Internet)، حيث أضحى بإمكان التعليم عن بعُد إيصال المعلومة إلى الطالب بكلفة أقل وبوقت أسرع دون أعتبار لقيدي الزمان والمكان في تنفيذ العملية التعليمية، وبهذا فانه يساعد على تعميم التعليم ونقلة إلى كل بيت مع تخطي عوامل الزمان والمكان والحدود الجغرافية, ويساهم بشكل مُباشر في تأسيس مجتمع المعرفة, الذي يتيح لكل قاصد فرصته في التعليم وتحقيق ذاته.
وفي هذا السياق، عملت جامعة عدن على وضع خطط أكاديمية مقننة تُمكنها على المدى القريب والبعيد من تقديم برامج علمية تتواكب مع التطور في مجال التعليم عن بعُد، ولعل قرار رئيس الجامعة رقم 604 لعام 2012م بشأن إنشاء مركز التعليم عن بعُد (بمستوى كلية)، يُعد المحطة الأبرز في تاريخ نشأة وتطور برنامج التعليم عن بعُد الذي بدأ في العام الجامعي 1995-1996م كإدارة تابعة لنيابة شؤون الطلاب باسم الانتساب الموجة ثم إلى إدارة عامة في العام 2009م.
وما تلا ذلك القرار من إتخاد مجموعة من الإجراءات التنظيمية تهدف إلى تطوير البناء الهيكلي للمركز من خلال استحداث نيابات للشؤون الأكاديمية والطلابية وشؤون الدراسات العليا وأقسام علمية عملت على تفعيل دور المركز الأكاديمي في قيادة ومراقبة العملية التعليمية وضمان جودة مخرجاته.
واستمراراً للمجهود الذي بُدل لتثبيت دعائم برنامج التعليم عن بعُد من خلال تطوير لوائحه التنظيمية والأكاديمية والمالية، عزمت عمادة المركز المُعينه حديثاً على السير قدماُ بنفس النهج لتنفيذ مصفوفة متطلبات الاعتماد الأكاديمي للبرنامج، والتي من شأنها ترسيخ التعليم عن بعُد كنظام متكامل داخل المنظومة التعليمية الجامعية، وتتضمن هذه المصفوفة ثمانية محاور هي: محور اللوائح والأنظمة، محور إدارة التعليم عن بعُد، المحور الأكــــــــــــــــــــــــــــــــاديمي، محور التقنية في التعليم عن بعُد، محور الخدمات الطلابية، محور الإدارة المالية، محور الامتحانات، واخيراً محور ضمان الجودة، حيث يضم كل محور عدة بنود تفصيلية تصب جميعها في قالب ضمان جودة برامج التعليم عن بعُد بما يتناسب مع المقاييس العالمية.
وتتويجاً للنشاط المستمر والعمل الدؤوب الذي بدأت بوادر نجاحه تظهر مع قرب بدء العام الدراسي الجديد، يستعد مركز التعليم عن بعُد بجامعة عدن لتدشين وتفعيل المرحلة الأولى من حزمة برامجه الإلكترونية قبل العام الدراسي الجديد 2014 - 2015، وتشمل هذه الحزمة مايلي:
اولاً: نظام الفصول الافتراضية Virtual Class Room:
يعتبر هذا النظام ركن أساسي في التعليم عن بعُد، حيث أنه يوفر بيئة تفاعلية بين الأستاذ والطالب من خلال مجموعة الأدوات التي يقدمها مثل: بث الفيديو والتفاعل بالصوت والصورة والمحادثات النصية والسبورة الإلكترونية والاتصال المتزامن عبر شبكة الانترنت مع الطلاب، فيمكن للطالب تلقي المحاضرة عن بُعد من أي مكان وفى أي وقت وبأسلوب مشابه تماما لما يتم في الفصول التقليدية، كما يُسمح للطالب بالمداخلة والمشاركة المباشرة مع أستاذ المادة، مع إمكانية حفظ المحاضرات المسجلة والرجوع إليها لاحقا ليشاهدها الطلاب الذين لم يتمكنو من الحضور.
ثانياً: نظام إدارة التعلم LMS:
يوفر هذا النظام حزمة من الأدوات التي تساعد الأستاذ على إنشاء ورفع وإدارة المساقات التدريسية على الموقع بصورة سهلة كما يُتيح للأستاذ مُتابعة الانشطة التعليمية للطلاب وتقيمهها والتواصل المُباشر معهم عبر نوافذ الحوار والرسائل الإلكترونية الموجهة والمعممة مسبقاً، ويدعم نظام إدارة التعلم LMS، نمط التعليم الإلكتروني التعاوني collaborative e-learning من خلال السماح للطلاب بمناقشة مواضيعهم التعليمية عبر مُنتديات يوفرها النظام.
ثالثاً: البوابة الإلكترونية للتعليم عن بعُد e-portal
وهي بوابة الإلكترونية خاصة بمركز التعليم عن بعُد بجامعة عدن، تقدم مدخل موحد للمُشرفين الأكاديمين والطلاب، تنقلهم عبره إلى مجموعة من الخدمات التعليمية الإلكترونية، فعن طريق البوابة الإلكترونية، يمكن للطلاب الاطلاع على جدول محاضراتهم ولقاءاتهم التعليمية المُباشرة وجداول الامتحانات وعلى نتائجهم وسجلاتهم الأكاديمية والخطط الدراسية للأقسام العلمية، ويستطيع الطلاب المستجدين والراغبين بالدراسة في المركز التسجيل عبر البوابة الإلكترونية، كما يمكن للمدرسين الاطلاع على بياناتهم المخزونة في قاعدة البيانات وتحديثها في اي وقت، وسيتطيعوا ايضاً رفع محاضراتهم المرئية المسجلة، وعن طريق البوابة الإلكترونية يمكن للأستاذ والطالب المرور إلى المكتبة الإلكترونية للاطلاع على الكُتب الرقمية وعلى ملخصات الرسائل العلمية ماجستير ودكتوراه.
رابعاً: الفصول الافتراضية عبر الجوال Mobile virtual classroom
هو نظام يتبع نظام الفصول الافتراضية، يُمكن الطلاب من حضور محاضراتهم المُباشرة عبر تقنبة الاتصال اللاسلكي WIFI باستخدام الجوالات والاجهزة اللوحية، وفق جدول مُعد مسبقاً فيستطيع الطالب التفاعل بالصوت والصورة وكافة الأدوات المتوفرة في نظام الفصول الافتراضية وهو ماسيُعزز مبدأ تكافؤ الفرص من خلال حضور الدروس اثناء التنقل، بحيث يكون الطالب أكثر حرية للاستفادة من وقته.
خامساً: نظام تسجيل المحاضرات Class Recording
يستطيع الأستاذ عبر استخدام هذا النظام تسجيل المحاضرة بكافة فعالياتها بشكل الكتروني وجدولتها ومن ثم إضافتها إلى مصادر التعلم الإلكتروني لطلاب التعليم عن بعُد بجامعة عدن. كما يستطيع الطالب تنزيل المحاضرة وتخزينها على جهاز الحاسوب الشخصي أو المحمول وحضورها في أي وقت وفي اي مكان مع امكانية البحث عن اي معلومة وردت في المحاضرة.
إضافة لما تم ذكره، هناك حزمة نظم الكترونية أخرى ستنفذ كمرحلة ثانية بإذن الله فور الانتهاء من مرحلة التشغيل التجريبي لانظمة المرحلة الأولى وقبل بدء الدورة الامتحانية للعام الدراسي الجديد 2014 – 2015م، وتشمل المرحلة الثانية حزمة البرامج الإلكترونية التالية:
1. نظام الأختبارات الإلكترونية (Online Exam)
2. نظام التصميم التعليمي (Instructional Design ID)
3. نظام إدارة المستودعات التعليمية الرقمية (Learning Objects Repository)
4. نظام التعلم عبر الجوال (Mobile Learning)
لكي ينجح تطبيق هذه الحزمة من البرامج الإلكترونية في بيئة نظام التعليم عن بعُد، فإنه يحتاج أن يكون المستوى الفكري والمعرفي لعضو هيئة التدريس مواكباً للتطور الحاصل في نُظم التعليم الإلكتروني وإلى مهارات علمية وتقنية جيدة يمتلكها. وإدراكاً للدور المحوري لعضو هيئة التدريس في العملية التعليمية، يستعد مركز التعليم عن بعُد لإطلاق عدد من الدورات التدريبية والتأهيلية في مجال التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعُد.
حيث سينظم المركز الدورة التدريبية الأولى مطلع الشهر القادم، والتي تهدف لتدريب عضو هيئة التدريس على أحدث الأنظمة التعليمية المستخدمة في تسجيل المحاضرات المرئية وطريقة تقديمها للطلاب عبر التقنيات الحديثة، إما بنشرها في البوابة الإلكترونية للمركز أو عبر نظام إدارة التعلم. ويُقيم المركز أيضاً دورة تدريبية أخرى تهدف لتدريب أعضاء الهيئة التعليمية والفنية على استخدام نظام الفصول الافتراضية وكيفية الوصول إلى تحقيق البيئة التفاعلية المطلوبة بين الأستاذ والطالب من خلال الأدوات التفاعلية التي يوفرها النظام.
ولعل مؤشرات نجاح هذه المشاريع التطويرية لمركز التعليم عن بعُد التي تأتي بالتزامن مع أنشطة وفعاليات جامعة عدن للإحتفاء بذكرى تأسيسها الخامسة والأربعين، تعود إلى ماحُظيت به الجامعة من قيادة إدارية محنكة توصف بالخبرة والفطنة وعلو الهمة والنشاط المستمر ممثلة برئيسها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، الذي استطاع الجمع بين عراقة و أصالة البرامج الأكاديمية للجامعة وبين المعاصرة والتقدم في برامج التعليم الجامعي، فسخر كل جهده ووقته للنهوض ببرامج الجامعة الأكاديمية والتعليمية والإبداعية والحفاظ على مقدراتها ومُنجزاتها في ظل أوضاع غير مُستقرة تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة.
و إيمانا منه بأهمية وجود بنية تحتية صلبة لمشروع التعليم عن بعُد، وجه معالي رئيس الجامعة أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور بسرعة توريد وتجهيز قاعة الفصول الذكية بناء على وثيقة المواصفات الفنية المُعدة من قبل المختصيين في المركز وتدشينها بالتزامن مع تفغيل حزمة برامج التعليم الإلكتروني المذكورة آنفاً.
في ضوء ماسبق، يتضح أن عمادة مركز التعليم عن بعُد وكادرها الأكاديمي والإداري قد أخذوا على عاتقهم وبجدية عالية السير بخطى ثابتة تسابق الزمن لتقديم خدمات تعليمية إلكترونية وفق خصائص ومعايير عالمية للوصول ببرنامج التعليم عن بعُد إلى مستوى متقدم من الجودة ينعكس على مخرجاته بكفاءة لاتقل عن التعليم التقليدي، بل وتتفوق عليه، وهذا ليس بالأمر السهل ولكي يتحقق فإنه يتطلب جهودا مضاعفة وعمل جاد بروح الفريق الواحد.. قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"...
