آخر تحديث :Thu-25 Apr 2024-10:57AM
جامعة عدن

ارشيف الاخبار

كلمة رئيس جامعة عدن أ.د/ الخضر ناصر لصور، في الذكرى الثانية لتحرير عدن .

2017-06-24

موقع جامعة عدن الإلكتروني


عن ذكرى الإنتصار

"من عدن سنستعيد اليمن وماتحقق فيها من إنتصار إنما هو فاتحة إنتصارات مجيدة ومتوالية، حتى يستعيد اليمنييون بلادهم رافعي الرؤوس والهامات ليبنوا أحلامهم التي قدموا من أجلها التضحيات الجسام"


كانت هذه فقرة مقتبسة من خطاب النصر الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي، عقب إنتصار مدينة عدن وتحريرها من سيطرة المليشيات المنقلبة على الدولة، والتي تحل علينا في هذه الأيام المباركة ذكراه الثانية.


لقد كنا من بين الآلاف الذين عايشوا فرحة الإنتصارات من داخل العاصمة عدن، ومن وحي الإقتباس فإن كل أبناء هذه المدينة العتيدة قدموا التضحية تلو الأخرى ليبنوا أحلامهم وهم رافعي الرؤوس والهامات.


ومما جادت به الذاكرة علينا في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً، أن ذلك الصمود الأسطوري الذي سطره أبناء عدن في ظل الحصار الخانق للمليشيات قد أثبت الثقافة الدولاتية والإنضباط الواعي للعدنيين، والذي لولاه لتفاقمت الكارثة بالقدر الذي عملت لأجله المليشيات لتركيع المدنيين قبل المقاومين. وكل هذا الوعي والإنضباط ما كان ليؤتي فاعليته مالم يكن تحت قيادة واحدة ورؤية عارفة بواقع المدينة وطبائع سكانها.


ومن وحي الذاكرة العدنية الجمعية وفي ظل الحصار، يستحضر الجميع تفشي عدد من الأوبئة من ضمنها جائحة حمى الضنك، وبالرغم من تزامنها مع العدد اللامتناهي من جرحى القصف العشوائي للمليشيات على الأحياء السكنية بالإضافة إلى الجبهات الواصلين للمؤسسات الصحية في عدن، إلا أن العمل بروح الفريق الواحد في ظل ثقافة الدولة للإنسان العدني فإن الكادر الطبي حينها مع المتطوعين تمكّن بفضل الله بكل كفاءة وإقتدار من إحتواء هذا الوباء، ونكرر كل هذا بالرغم من الحصار المليشاوي المفروض!


إستحضارنا لهذه الفصول يأتي من باب الإختصاص، فقد كنت أقف شخصياً على رأس العمل الصحي في عدن آنذاك، وأعرف كيف تأتّى للجميع الصمود بإنتهاج طريق التنظيم الواعي والعمل بثقافة الدولة وتحت مظلتها وقيادتها، وبعد الحرب وإلى اليوم، وبحكم طبيعة عملي في قيادة جامعة عدن أستطيع الزعم بأن أبناء عدن والمحافظات المجاورة لها يقدمون التضحيات الجسام ليبنوا أحلامهم، بالرغم من شُح الإمكانات وسياسة الغزاة الممنهجة في تدمير كل شيء وأي شيء.


 حتى هذا الصرح العلمي والتنويري "جامعة عدن" لم يسلم من قذائف المليشيات وتدميرها، ومع هذا أُعيد العمل فيه بروح الفريق وتحت قيادة واحدة وثقافة واحدة هي مظلة الدولة، حتى أصبحت الجامعة اليوم وبلا منازع أبهى صور الإستقرار وأحق مثال يستدل به على عودة الحياة للمدينة وسائر المناطق المحررة.


إننا ومن هذه الأمثلة والمقدمات نوجه أسمى رسائل الأمتنان والعرفان لكل أبناء الشعب اليمني المتمسكين بحقهم في استعادة دولتهم كحلم وهدف يقدمون لأجله كل غالٍ ونفيس من أجل تحقيقه، وهو ما لم يتحقق إلا بتمسك الجميع بثقافة الدولة والإلتفاف جميعاً حول القيادة السياسية ممثلة في فخامة رئيس الجمهورية.


كما لا يصح أن يؤرخ أحداً أو يكتب عن تاريخ صمود المقاومة في عدن وانتصارها الميمون، دون أن يُعرج على الدعم السخي واللا محدود للأشقاء في دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، سواءً في الجانب العسكري أو الإغاثي الإنساني.


ولذا فإننا في هذه المناسبة نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى القيادة السياسية وإلى كافة أبناء الشعب اليمني، وإلى دول التحالف العربي التي شكلت بقياداتها وسياسييها ونخبها وشعوبها عُمقاً إقليمياً عربياً ودولياً احتضن مشروعية المقاومة ودعم شرعية الدولة اليمنية وحكومتها.


وقبل أن نختم فإننا نجدها مناسبة في ظل إنتشار وباء الكوليرا في مناطق سيطرة الإنقلابيين، وبما تبقى من وشائج الأخوة في الإنسانية والمروءة إن تبقى منها نُزراً يسير، أن ندعو كل المغرر بهم المنخرطين في صفوف المليشيات أن يسلموا أسلحتهم ويتركوا للدولة ومؤسساتها فرصة إنتشال المدنيين من الأوبئة والمجاعة والكارثة الإنسانية المؤلمة التي وصلت إليها المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، فهاهي قيادة المليشيات وحلفائها في إيران يستخدمون معاناة اليمنيين وآلامهم كملف للمزايدة السياسية لا أكثر، بينما تستشعر الحكومة الشرعية بحجم المسؤولية المتراكمة جراء إستمرار سيطرة المليشيات على كل منطقة ومحافظة يمنية، ولربما تستطيع الحكومة إن مُكّن لها هذا مع الأشقاء في التحالف العربي تدراك ما يمكن تداركه من آثار سلبية لسطوة الحالمين بعودة اليمن إلى الوراء.


وفي الختام نسأل الله المجد والخلود للشهداء في عليين الذين رووا بدمائهم الزكية الطاهرة ثرى هذا الوطن، ونسأله جل في عُلاه أن يمُن على جرحانا بالشفاء العاجل.


(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) [الأعراف: 89]


وكل عام والجميع بخير



أ.د/ الخضر ناصر لصور

رئيس جامعة عدن⁠⁠⁠⁠