ملخص الدراسة

  دلت المخلفات الأثرية الثابت منها والمنقول ان اليمن حظي ولازال بارز حضاري عريق امتدت جذوره لآلاف السنين، وكثيرة هي الدراسات التي تناولت جوانب متعددة من التاريخ اليمني عبر العصور، ورغم ذلك يظل القصور يعتري بعض أوجه الماضي، خاصة في مجال التاريخ الحضاري لليمن القديم. وتركزت اغلب الدراسات على تتبع التاريخ السياسي للممالك اليمنية، ولم تنل الجوانب المتعلقة بحياة الناس اليومية وعاداتهم وتقاليدهم ذلك القدر من الاهتمام ومن هنا يأتي سبب اختياري لموضوع هذه الدراسة (الملابس في اليمن القديم)، وذلك باعتبار الملابس تمثل مظهراً من مظاهر الحضارة عند مختلف المجتمعات فمن خلالها يمكن استنباط الكثير من المعلومات عن تلك المجتمعات، إضافة إلى أن موضوع الدراسة لم يتناوله الباحثين بالدراسة كموضوع مستقل بل ورد في ثنايا لبعض الأبحاث عبارات تصف بعض قطع اللباس المصور على المنحوتات.
  وتهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن أنواع وأشكال اللباس عند الرجال والنساء عند الكيانات الحضارية في اليمن القديم، إضافة إلى الاضطلاع على خصائص كل نوع من تلك الألبسة ومدى الموافقة والاختلاف فيما بينها، إلى جانب التعرف على المواد التي نسجت منها تلك الملابس وقد امتدت المدة الزمنية للدراسة منذ اقدم العصور حتى أنتها الأدوار الحضارية قبيل الإسلام.
  شكلت القطع الأثرية المصور الأساسي لهذه الدراسة إلى جانب بعض المصادر الكتابية مثل النقوش وبعض الكتابات الكلاسيكية مثل كتاب الطواف حول البحر الارتيري إضافة إلى الشعر الجاهلي الذي استشهد به على ذكر أسماء الملابس المختلفة إلى جانب معجم اللغة العربية التي زخرت بأسماء الملابس اليمنية قبل الإسلام مثل " لسان العرب".
  اتبعت في هذه الدراسة المنهج الوصفي للقطع التي صور عليها اللباس ثم تحليل المعلومات المستقاة من ذلك الوصف، فبدأت بجمع القطع الأثرية المختلفة ثم تصفيفها تبعاً للتوزيع الجغرافي للممالك اليمنية القديمة، كل مملكة على حدة على عدة مراحل الأولى تصنيف منحوتات كل مملكة إلى نوعين: قطع تمثل ملابس الرجال وما تعلق بها من قطع أخرى تمثل ملابس النساء وما يتعلق بها، المرحلة الثانية هي تقسيم ملابس الرجال إلى عدد من العناصر مثل الأزر والقمصان والأردية إضافة إلى العناصر المكملة للملابس، المرحلة الأخيرة هي دراسة كل عنصر من عناصر اللباس عند مختلف الممالك اليمنية مع مراعاة التسلسل الزمني، فبدأت بالأزر الأقدم ظهوراً وهكذا للقميص وكذلك اتبع هذا المنهج عند دراسة ملابس النساء.
  ونظراً لتعدد أنواع الأزر والقمصان وغيرها فقد قمت بتقسيمها إلى أنواع تبعاً للمظهر الخارجي، مثل المزخرف والمخطط.. وعندما تعددت تلك الملابس ضمن النوع الواحد قمت بتقسيمها إلى نماذج وقد يشتمل النموذج الواحد عدة أشكال من اللباس اختلفت فيما بينها ببعض التفاصيل البسيطة،  اما بالنسبة للقطع الأثرية التي لم تعرف المنطقة التي جاءت منها فقد اتبع في تصنيفها أسلوب المقارنة مع ما يشبهها من القطع المعروفة الهوية والتاريخ، فأضيفت إلى القطع الأقرب منها في الوضعية واللباس، وكذلك الحال بالنسبة مع مكملات اللباس مثل الأحذية وأغطية الرأس والحلي، وهذه الأخيرة نظراً لتشعب دراستها فقد اعتمدت على دراسة ما ظهر منها على المنحوتات من حيث الشكل والاستخدام، فلم أتطرق لتعمق إلى موادها وطرق صناعتها.
  وفيما يخص الشعر العربي فإني أوردته بحسب الحاجة إليه لتدعيم المعلومات عن أنواع اللباس ولم يستخدم في مبحث بعينه.
  وتنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول مسبوقة بمقدمة يتلوها خلاصة، وما توصلت إليه من نتائج إضافة إلى ملاحق لملابس الرجال وأخرى لملابس النساء، إلى جانب جداول وخريطة توضح بعض المواقع المتعلقة بإنتاج الملابس في اليمن قبل الإسلام.
  تناول الفصل الأول دراسة لتاريخ صناعة النسيج في اليمن القديم، وذلك عبر تتبع الألفاظ التي وردت في نقوش المسند والمتعلق بالنسيج واللباس ثم إلقاء نظرة على ذكر النسيج في المصادر العربية مثل أشعار الجاهليين التي أظهرت مدى الأهمية التي حظيت بها الملابس اليمنية وفي هذا الفصل حاولنا معرفة أوضاع  الحاكة وبعض الأدوات التي استخدمت لحياكة  الملابس، وتطرق الفصل الأول إلى مقومات صناعة النسيج من مواد خام وتجارة الملابس قديماً استيراداً وتصديراً من خلال ما ورد بهذا الخصوص في الكتب الكلاسيكية والمقدسة، وكذلك معرفة المواد المستخدمة في صناعة الملابس والألوان التي صبغت بها، ثم ختمنا الفصل بإيراد سرد بأسماء نماذج من الملابس التي عرفت حتى صدر الإسلام والشعر الجاهلي.
  وخصص الفصل الثاني لدراسة ملابس الرجال بشكل عام، فعرض إلى البدايات الأولى لظهور اللباس ثم أنواع الملابس الرجالية مثل الإزار والقميص والرداء وكذلك العناصر المكملة لها مثل أغطية الرأس كالعمائم والطاقيات والنعال... واستعرض الفصل التأثيرات الأجنبية على ملابس الرجال مثل تأثيرات بلاد الرافدين والتأثيرات الهلنستية.
  أما الفصل الثالث فتطرق إلى ملابس النساء وقد قسمت إلى عدة أنواع حسب المظهر، فكان منها المزخرف والمخطط وذو الثنيات وغيرها والتي قسمت بدورها إلى عدة نماذج مختلفة وذلك عند مختلف الممالك كل على حده، وتبعها وصف للعناصر المكملة للملابس مثل أغطية الرأس والحلي إلى جانب التأثيرات الخارجية على ملابس النساء.
وفي نهاية هذه الدراسة أوردت نتائج البحث واهم ما توصلت إليه هذه الدراسة من نتائج.

فهرس المحتويات